الجبير يُصيب الإعلام الإيراني بالحمى- لماذا لا نلومهم؟

المؤلف: سعد المعطش08.16.2025
الجبير يُصيب الإعلام الإيراني بالحمى- لماذا لا نلومهم؟

إنَّ اللَّومَ شعورٌ يَنتابُنا حينَ نَشْهَدُ فعلًا أو نسمعُ قولًا غيرَ مُتوقَّعٍ صادرًا مِن شخصٍ نُجلُّهُ ونُحبُّهُ، فنحنُ نعاتبُهُ ونَلُومُهُ لأننا نعتبرُهُ أرقى وأوعى مِن أنْ يَقْدُمَ على تِلكَ التَّصرفاتِ أو الأقوالِ، وإنَّ لومَنا لهُ يَنبُعُ مِن مَحَبَّتِنا وخوفنا عَليهِ، ومِن المؤكَّدِ أنَّهُ يَعِي تمامًا أنَّ مَن يَلُومُهُ هُم مُحِبُّوهُ، وأنَّه يحظى بتقديرِهِمْ واحترامِهِمْ، فكما يُقالُ: اللَّومُ على قَدْرِ المَحَبَّةِ وعُمقِها.

وبناءً على هذهِ القاعِدةِ، فإنِّي لَنْ أوجِّهَ اللَّومَ إلى وسائلِ الإعلامِ الإيرانيةِ الرَّسميةِ على ما تقومُ بهِ بينَ الفَينةِ والأُخرى؛ فبعدَ التَّجاوزاتِ والإساءاتِ المُتكرِّرةِ الصَّادرةِ مِن قِبَلِ بعضِ المسؤولينَ الإيرانيينَ تجاهَ منطقةِ الخليجِ العربي، بدأوا شَنَّ هُجومٍ لاذعٍ على وزيرِ الخارجيةِ السعوديِّ الأستاذِ عادل الجُبير، وعدمُ لومي هذا يرجِعُ إلى سَببَيْنِ: الأوَّلُ ذكرتُهُ في بدايةِ المقالِ، وهوَ أمرٌ مَفروغٌ منهُ، أمَّا السَّببُ الثَّاني فسأَذكُرُه لكمْ، لأنَّهُ في اعتقادي أكثرُ إقناعًا وتأثيرًا مِن السَّببِ الأوَّل.

لدى أهلِ الخليجِ العربيِّ مَثَلٌ شائِعٌ يَتردَّدُ على ألسِنَتِهِمْ حينَ يَسمعونَ أحدًا يَتفوَّهُ بِكَلامٍ غيرِ واعٍ أو خارجٍ عن إرادَتِهِ، وخاصةً عندما يشعرُ بالمرضِ، وتحديدًا حينَ تشتدُّ عليهِ الحُمَّى وترتفعُ درجةُ حرارتِهِ، ويَصفونَ هذا النَّوعَ مِن الكلامِ بِاسمِ «الهَذَيان».

فهم لا يَلومونَهُ لأنَّهم يَعلمونَ أنَّ لذلِكَ الهَذَيانِ سببًا معلومًا وواضحًا، لذلكَ فإنَّهم يَستخدِمونَ المثلَ الشَّعبيَّ القائلَ: «يَهذري المَهذري من حَرِّ الصُّخونة»، وعلى هذا النَّحوِ، فإني أقولُ: لن نلومَ الإعلامَ الإيرانيَّ، فقد تسبَّبَ لهم الجبيرُ بالحُمَّى والشُّعورِ بالألمِ الشَّديدِ حينَ يُواجِهُهُمْ أمامَ المُنظَّماتِ الدَّوليةِ، ويَكشِفُ زَيفَهُمْ وادِّعاءَهُمْ بأنَّهم مُستضعَفونَ ومَظلومونَ، بل إنَّهُ أثبتَ بالأدلةِ القاطعةِ والحقائقِ الدَّامِغةِ وبالأرقامِ الدَّقيقةِ رعايتَهُمْ للإرهابِ ودعمَهُمْ للمُتطرِّفينَ على مَدى عُقودٍ طويلةٍ مِن الزَّمنِ.

إنَّ دُولَ العالَمِ أجمع تَشُنُّ حَرْبًا ضروسًا على الإرهابِ، والمتَّهَمَ الأكبرَ في المنطقةِ العربيةِ هو تنظيمُ «داعش» الإرهابيُّ، وهم أيضًا غيرُ مشمولينَ بلومِنا؛ فقد طالَتْ أعمالُهُمُ الإرهابيةُ الجميعَ ولم تقتربْ مِن إيرانَ نهائيًّا، وقبلَ «داعش» كانَ تنظيمُ ما يُسمَّى «القاعدة»، فإنََّنا أيضًا لا نلومُ هذينِ التنظيمينِ على عدمِ الاقترابِ مِن إيرانَ، لأنَّ إيرانَ هي مَنْ صَنعتْهُمَا، ورَعَتْهُمَا، وحافظتْ عليهما طوالَ سنواتٍ عِدَّةٍ، ومِنَ الطَّبيعيِّ جِدًّا أنَّ الكلبَ لا يَعَضُّ أُمَّهُ التي أَرْضَعَتْهُ ورَبَّتْهُ ووفرت لهُ الحمايةَ والرِّعايةَ في كَنَفِها.

أدامَ اللهُ الأستاذَ عادل الجُبير لِيُصِيبَ بالحُمَّى الشَّديدةِ كُلَّ كاذبٍ ومُتربِّصٍ بالخليجِ العربيِّ، ولا دامَ أهلُ الإرهابِ ومَنْ صَنَعَهُمْ ورَعاهُم ودَعَمَهُمْ.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة